وداعًا هادي الجندي

هادي الجندي

عُرف الشاب هادي الجندي بشجاعته، وكان أول المتظاهرين، وأول ضحايا القنص برصاص قوات النظام السوري في عاصمة الثورة حمص، وهو لا يزال في ربيعه الثاني والعشرين، ما جعل رفاق دربه يُطلقون عليه لقب أمير الشهداء.
وُلد هادي في حمص يوم 23 أكتوبر 1989، ودرس الكومبيوتر في جامعة البعث، وبعد أحداث درعا شعر أن من واجبه كسر جدار الخوف في مدينته، فجمع أصدقائه ودعاهم للخروج إلى التظاهر، وبات الاحتجاج على الظلم شغله الشاغل، ويُقال أنه كان يخرج  للتظاهر أكثر من مرة في اليوم الواحد أحيانًا، لاسيما في تلك المناطق ذات الكثافة السكانية التي لم تستنشق رائحة الحرية حينها كشارعي الحمرا والملعب، حيث كان العديد من المارة يلتحقون به، قبل أن يستنفر رجال الأمن ويفرقوهم.

لم يقتصر إسهام هادي في الثورة على التظاهر، إنما شمل مختلف أنشطة الاحتجاج السلمية، ذهب إلى الرستن للمساعدة، وإلى باب السباع حيث حصلت المجزرة إثر الاعتصام، ودعا الشباب للتبرع بالدم عند "مشفى البر" لإنقاذ المصابين، ثم حضر تشييع الشهداء.
في "جمعة العزة" ظهر في فيديو ومعه رصاصة، ليثبت أمام العالم أن قوات النظام تستخدم السلاح الحي ضد المتظاهرين، وفي فيديو آخر ظهر مع مجموعة من أصدقائه الجامعيين، وهم يمزقون بطاقاتهم الجامعية، ويعلنون الإضراب عن الدوام في كليات جامعة البعث.
عُرف هادي لدى الأمن بالشب الأسمر ذي البيجامة السوداء، لم يستطع أحد الإمساك به، لكنه تعرض لعدة إصابات موجعة، أُصيب بقنبلة دخانية على بطنه، وأصابت الحجارة عصب كتفه، ثم عينه قبل وفاته بيوميّن.
في يوم الثامن من تموز 2011 كان هادي عند الصيدلية العمالية، وسمع صوت إطلاق رصاصة، فاستدار ليعرف مصدرها ووِجهتها، من دون أن يعي أن الموت كان يستهدفه هو بالذات، وأنه اخترق صدره وقلبه واستقر بكتفه الأيسر، وحين أدرك مصابه أوصى بأن يُدفن في باب السباع حيث لمس الرجولة الحقيقية.
هادي الجندي اغتيل، ولم يُقتل بالخطأ، فكما قيل لم تُطلق سوى رصاصة واحدة في ذاك اليوم، هي التي استقرت في جسده وأودت بحياته، وفي تشييعه خرج ما يزيد على أربعين ألف متظاهر، قالوا وداعًا لصاحب الصوت الجريء الذي هز حمص.

تعليقات

الأكثر قراءة

رواية التّماسيح لـ يوسف رخَا.. رؤية المستقبل بالنظر إلى تجارب الماضي

غرافيتي الثورة: "إذا الشعب جاع بياكل حكّامه"

علي الشهابي.. شريك الثورة والجراح