شعلة السلام غياث مطر

في مثل هذا اليوم من عام 2011 أعتُقل غياث مطر، وبعد اربعة أيام فارقته روحه وهو تحت التعذيب، واستلم أهله جسده مشوهًا بلا حنجرة، وكان قبل أن يغادرنا ترك وصيته تقول:
إخوتي شباب الثورة الأحرار، يا من شاركتموني درب الحرية في أيام كانت أجمل أيام حياتي على الإطلاق
إن آلمكم خبر استشهادي فاعلموا أنني الآن قد نلت السعادة والحرية في آن معًا، وإنني أتمنى أن أعود للحياة، لأرفع مجدداً راية الحق والعدل والكرامة والحرية وأستشهد من جديد.

لا تظنوا بأنهم نالوا مني برصاصة أطلقوها، لا وربي، لقد انتصرت، ونصرت قضيتي في كل لحظة خرجت فيها إلى الشارع لأقول لا للظلم والطغيان، نعم للحرية والعدالة والكرامة.
وصيتي إليكم أن تثبتوا على ذات المبدأ الذي خرجنا من أجله، وأن تعملوا على تحقيق كل الشعارات التي رفعناها، لتغدو حقيقة ملموسة، أن تصمدوا وتعلنوا شجاعتكم مهما حاولوا النيل منكم أو زعزعة صفوفكم، لا تسمحوا لهم بتغييركم، لا تسترخصوا دمي ودماء الشهداء الذين قدموا أرواحهم من أجل سورية حرة، لا تبيعوا تضحياتنا مقابل أي ثمن، لا تحاوروا جلادكم، ولكن انتزعوا منه حقوقكم بثباتكم وإصراركم على تحقيق النصر.
لقد رأيت الحرية على الأبواب، رأيتها قريبة جداً مني ومنكم، في كل مرة كنا نخرج فيها عندما كان هتافنا يزلزل الأرض، ويثير الرعب في نفوس الجبناء، كنت أرى الحرية تقترب، والنصر يتحقق... إنني الآن أراها من عالمي تقترب منكم أكثر، فاصبروا فإن النصر صبر ساعة.
لا تيأسوا وإن حاربكم العالم كله وتنكر لكم، لا تتوقفوا وإن صدّوكم أو نصبوا الحواجز والعوائق في صفوفكم، لا تتراجعوا فينالوا منكم ويدمروكم ويدمروا الحلم معكم، لا تستسلموا فتبيعوا دمنا الغالي، وكل جهد بذلناه في سبيل وطن حر كريم.
تذكروني كلما علا الهتاف، كلما زغردت النساء في أعراس الشهادة، كلما تحقق لنا في طريق الحرية مطلب، تذكروني عندما تحتفلون بإسقاط النظام، وتحرير الوطن من العابثين، تذكروني كلما غرستم شتلة ياسمين في أرض سورية، وكلما أعمرتم لبنة في بناء، وكلما نظرتم إلى المستقبل في عيون الأطفال، وتذكروا أنني قدمت روحي ودمي من أجل تلك اللحظة.
أيدكم الله وثبتكم على طريق النضال السلمي، وكتب النصر على أيديكم أيها الأبطال
المواطن السوري غياث مطر
الذي كان يحلم بمستقبل افضل لأبنائه ولإخوانه ولكل السوريين افضل من الذي عاشه ابائنا ونحن.
...
وُلد غياث مطر في مدينة درايا عام 1986، وحصل على المركز الثاني في بطولة كمال الأجسام على مستوى ريف دمشق، عمل في محل للمفروشات، وبعد الثورة انضم إلى تنسيقية داريا منذ بداية الثورة السورية، وشارك في تنظيم المظاهرات السلمية المُطالبة بالحرية، وأثناء المظاهرات قدّم الماء والورود وأغصان الزيتون لقوات الأمن والجيش، وقبل أن يكمل السادسة والعشرين من عمره قضى تحت التعذيب.
جرى تشييعه في العاشر من أيلول 2011، وحضر العزاء عدد كبير من سفراء الدول، وما إن خرجوا حتى بدأ النظام يطلق العيارات النارية والقنابل المسيلة للدموع لفض مجلس العزاء. وبعد أسبوع على قتله، وُلد ابنه الذي سُمّي باسم ابيه الشهيد غياث مطر.
حول نشاطه السلمي قام سام قاضي بإخراج الفيلم الوثائقي الطويل "غاندي الصغير"، الذي فاز بجائزة أفضل فيلم وثائقي أجنبي في مهرجان أفلام العائلة العالمي (IFF) في الولايات المتحدة الأميركية عام 2016. كما قامت مجموعة من الناشطين بإحياء ذكراه بتأسيس مدرسة تحمل اسم غياث مطر في مدينة أورفا التركية.
...
لا أزال أذكر رائحة الشموع التي أضاءت ليل دمشق في ذكرى رحيلك
كل السلام وياسمين الشام لروحك الحرة.

تعليقات

الأكثر قراءة

رواية التّماسيح لـ يوسف رخَا.. رؤية المستقبل بالنظر إلى تجارب الماضي

عدنان الزراعي.. في انتظار وعد السراب

زيلينسكي: اسألوا أنفسكم لماذا لا يزال بوتين قادرًا على الاستمرار في الحرب؟