محطات من ذاكرة كاتدرائية نوتردام

كاتدرائية نوتردام

قبل أن ينتشر الخبر الحزين عن اندلاع الحريق في كاتدرائية نوتردام مساء الخامس عشر من أبريل  2019، وقبل أن تلتهم ألسنة اللهب البرج الشاهق والقبة المدببة في أجمل معلم تاريخي وسياحي على ضفاف السين يزين العاصمة الفرنسية باريس، كانت تُقام في الكاتدرائية خمسة قداديس يوميا، وسبعة في أيام الأحد، ويؤمها من السياح ما يزيد على 12 مليونا سنويا، وكانت الكنيسة المدرجة منذ عام 1991 على لائحة التراث العالمي، تحتوي على مئات من اللوحات الفنية والقطع الأثرية.

بدأ تشييد "كاتدرائية نوتردام" أواسط القرن الثاني عشر، في مكان كنيسة "بازيليك القديس استيفان" التي بناها الملك شيلدبرت الأول عام 528م على أنقاض معبد جوبيتير الغالو الروماني. كانت كنيسة صغيرة وبديعة، وحين تولى موريس دو سولي منصب أسقف باريس، لم يرها كافية لأعداد المسيحيين المتزايدة، فأمر ببناء كاتدرائية جديدة، ضخمة وشاهقة، وفي العام 1163، وُضع حجر الأساس، ولم يكتمل بناؤها إلا بعد نحو قرن من الزمان، لتصبح إحدى تحف العمارة القوطية الفرنسية.
ومثلما كانت الكاتدرائية التي حملت اسم "سيدتنا"، نسبة للسيدة العذراء، مركزا للعقيدة الكاثوليكية الرومانية، فإنها كانت جزءا من أحداث تاريخية مهمة، ففي خضم الحروب الدينية التي شهدتها فرنسا في القرن الـ 16، ووسط التوترات بين الكاثوليكيين والبروتستانت، تعرضت بعض تماثيل الكنيسة للإتلاف على أيدي البروتستانت، الذين عرفوا باسم الهوغونوتيون، نهبوا الكاتدرائية واعتبروا تلك التماثيل أصناما تعبد وتستحق التدمير.
في نهايات القرن الـ 18 وخلال أحداث الثورة الفرنسية نُهبت الكاتدرائية من جديد، لتظل بعد ذلك مهملة إلى أن استولى نابوليون بونابرت على السلطة، واختار الكاتدرائية مقرا لتتويجه إمبراطورا على فرنسا في العام 1801.
بعد بونابرت ظلت الكاتدرائية الضخمة على حال من الإهمال إلى أن جذب الانتباه لها الكاتب الفرنسي الشهير فيكتور هوغو بعمله الخالد "أحدب نوتردام" الذي صدر عام 1831. وبعد الشهرة التي حصدتها الرواية، أمر الملك لوي فيليب في 1844 بإعادة إعمار الكاتدرائية.
مع أحداث الحرب العالمية الثانية، تعرضت الكاتدرائية لأضرار قليلة إبان عملية تحرير باريس من أيدي النازيين. وأقيم في كاتدرائية نوتردام قداس خاص في ثاني أيام تحرير العاصمة بحضور الرئيس الفرنسي الأسبق شارل ديغول.

المصدر: 
الحرة 16 أبريل 2019، "كاتدرائية نوتردام.. ما قد تجهله عن درة باريس". لقراءة المقال

تعليقات

الأكثر قراءة

لولو

رواية التّماسيح لـ يوسف رخَا.. رؤية المستقبل بالنظر إلى تجارب الماضي

الحرية للشاعر المعتقل ناصر بندق