أليكسي نفالني.. وفاة صادمة في السجن وليست مُفاجِئة


إعداد: بين ثقافتين

كانت وفاة زعيم المعارضة الروسية أليكسي نافالني صادمة، لكنها لم تكن مفاجئة. لسنوات عديدة، وقع منتقدو ومعارضو الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ضحايا لعمليات إطلاق النار، أو التسمم بأنواع من الغاز المشع أو غاز الأعصاب، أو سقطوا من النوافذ.

كان نافالني يبلغ من العمر 47 عامًا فقط، ومَثَل أمام المحكمة في اليوم السابق لوفاته في المستعمرة العقابية “بولار وولف”، وشوهد في مقطع فيديو وهو يبتسم في جلسة المحكمة، ويرسل تحيات عيد الحب إلى زوجته، وبعد أقل من 24 ساعة، أعلنت سلطات السجن أنه توفي. علق موقع "أخبار الآن" على وفاة نافالني. 

"يورونيوز" وصفت ظروف احتجاز نافالني، وذكر الموقع أن زعيم المعارضة تُوفي أثناء قضائه عقوبة السجن لمدة 19 عاماً في منشأة FKU IK-3، المعروفة باسم "بولار وولف"، والتي تضم أكثر من 1000 من أسوأ المجرمين في البلاد، إلى جانب حفنة من السجناء السياسيين الذين تجرؤوا على تحدي نظام فلاديمر بوتين. 

بُني سجن "بولار وولف" عام 1961، كجزء مما كان يُعرف سابقًا بنظام معسكرات العمل القسري السوفيتية. يخضع السجن المعزول لنظام صارم، ويراقبه رجال مسلحون وكلاب، وعادةً ما يكون هذا النوع من المؤسسات مخصصًا للسجناء المحكوم عليهم بالمؤبد، ناهيك عمّا يتم تداوله من معاملة وحشية للسجناء.

في "بولار وولف" يرن المنبه ليوقظ السجناء في الساعة الخامسة صباحًا، ويمشون وأيديهم خلف ظهورهم، بعد ذلك يقضي المعتقلون يومهم في مصنع للأخشاب أو لخياطة الملابس.

تنخفض درجات الحرارة إلى 22 درجة مئوية تحت الصفر، ولا تُسمع في دهاليز السجن سوى أقدام العساكر وهي تطأ الثلج، وقال سجناء سابقون إن من أساليب التعذيب المعروفة، أن يُجبر السجناء على الوقوف في طوابير في الخارج، في ذروة الشتاء لمدة تزيد على أربعين دقيقة، مرتدين ملابس خفيفة، وإذا قام أحدهم أو فرك يديه للحصول على بعض الدفء، يتم غمر المجموعة بأكملها بالماء البارد.

كتبت صحيفة "القدس العربي" أنه رغم الطقس البارد والثلوج التي تغطي موسكو، توافد الروس بصمت على أضرحة رمزية للمعارض الراحل أليكسي نافالني، أقيمت في أنحاء عدة من العاصمة الروسية. وضعوا الزهور وأضاءوا الشموع، تاركين بينها عبارات تعزية لم تخلُ من رسائل سياسية. منها: “موت ألكسي نافالني هو أسوأ ما قد يحصل في روسيا”. “لن ننسى، لن نسامح”. “من التالي؟”.

وقال الكسندر، الذي يبلغ 40 عامًا ويعمل سائقًا: “نافالني أعطانا الأمل بأن الظلم يمكن أن يُهزم”. “بفضله آمنت بأنه يوماً ما يمكن أن نصنع روسيا رائعة للمستقبل”. 

وأفادت قناة "الحدث" أن مقطعًا مصورًا السبت في مدينة سان بطرسبرغ أظهر تجمع العشرات حول نصب تذكاري لضحايا القمع. غنى بعضهم ترانيم وعانق آخرون بعضهم بعضا وهم يذرفون الدموع. وقالت امرأة (83 عاما) شاركت في الوقفة الاحتجاجية "شعرت بالأسف الشديد عليه وعلى بلدنا.. أنا خائفة".

كما أظهرت لقطات صُورت في موسكو قوات إنفاذ القانون وهي تطرح الناس أرضًا وسط الثلوج بالقرب من مكان تركَ فيه المشيعون الزهور والرسائل دعما لزعيم المعارضة المتوفى.

موقع "إرم" ذكر أن السلطات الروسية اعتقلت أكثر من 400 شخص خلال فعاليات شهدتها 32 مدينة روسية منذ وفاة المعارض البارز أليكسي نافالني، بحسب منظمة "أو.في.دي-إنفو" الحقوقية. وقالت المنظمة المعنية بحرية التجمع في روسيا، إن مدينتي سان بطرسبرج وموسكو، اللتين يحظى فيهما نافالني بدعم كبير، شهدتا أكبر عدد من الاعتقالات، وحتى مساء السبت تم اعتقال أكثر من 200 في سانت بطرسبرغ وحدها.

صحيفة "الشرق الأوسط" أكدت أن مقرّبين من المعارض أليكسي نافالني يتهمون السلطات الروسية بالتكتم على أسباب وفاته. واقتبست كلام كيرا يارميش، المتحدثة باسم نافالني، أن: "والدته ليودميلا نافالانايا ذهبت، السبت، إلى المعتقل (آي كاي 3) في منطقة يامال، حيث تسلمت وثيقة رسمية تؤكد وفاته، وأُبلغت بأنه توفي بمتلازمة الموت المفاجئ". وأنّ «أحد موظفي السجن قال إنّ جثّة أليكسي نافالني موجودة في سالخارد»، و"نقلها محققون لإجراء فحوصات». أضافت يارميش: «نطالب بتسليم جثة أليكسي نافالني على الفور إلى عائلته».

صحيفة "البيان" ذكرت أن الأمين العام لحلف (ناتو) ينس ستولتنبرغ انتقد ما جاء في بيان حكومة الصين من أن "وفاة نافالني شأن روسي داخلي". قال ستولتنبرغ للصحفيين في مؤتمر ميونخ للأمن: "إنه ليس شأناً روسياً داخلياً"، "النظام الروسي اعتقل نافالني ظلماً، وسمَّمه بوحشية وتم الحكم عليه بالإعدام في الأساس لأنه تحلى بالشجاعة للوقوف ضد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين". "إن أفضل طريقة لتكريم ذكرى نافالني هي دعم أوكرانيا في حربها ضد الغزو الروسي المستمر". 

تعليقات

الأكثر قراءة

رواية التّماسيح لـ يوسف رخَا.. رؤية المستقبل بالنظر إلى تجارب الماضي

غرافيتي الثورة: "إذا الشعب جاع بياكل حكّامه"

الحرية للشاعر المعتقل ناصر بندق