سيلفي نوح زعيتر

بريشة أكرم رسلان

بقلم: ماهر شرف الدين
سنة 2007، وبالقرب من مكان عملي في بيروت، التقيتُ صدفةً أحد صحافيي جريدة "الأخبار"، فبادرني بالقول إنه مسافر إلى سوريا. ثمَّ سألني ضاحكاً –لأنه يعرف بأني ممنوعٌ من دخول بلدي- إذا ما كنتُ أرغب بشيءٍ يجلبه لي من هناك؟!
لقد كان ذلك السؤال أقسى مزحةٍ تلقَّيتُها في حياتي!
***
عاودتني هذه الذكرى القاتمة، اليوم، وأنا أُطالع صورة السيلفي التي التقطها تاجر المخدّرات اللبناني الشهير نوح زعيتر لنفسه في ساحة الأمويين بدمشق.

نُصْبُ السيف الدمشقي الشهير، الذي ظهرَ خلفيةً لتاجر المخدّرات، كأنما كان يقول بأنَّ المعالم التاريخية في بلادنا باتت الخلفية المفضَّلة لدى كبار المجرمين لالتقاط صورهم.
للحظةٍ، وقد فاضت الصورةُ برمزيتها الموجعة، تحوَّل نُصْب السيف إلى سيفٍ حقيقيّ شقَّ قلبي وقلبَ كلّ وطنيّ سوريّ حُرِمَ من دخول بلده ليُملأ مكانه بشذَّاذ الآفاق.
فكَّرتُ: كيف أُمنع، أنا الشاعر، من دخول بلدي منذ 18 عاماً، بينما يُسمح لتاجر مخدّرات غير سوري أن يصول ويجول، ويكون موضع احتفاء أيضاً؟!
فكَّرتُ بأنَّ سيلفي نوح زعيتر ليست سيلفي شخصية على الإطلاق، بل سيلفي وطن بأكمله.
ولكنْ، هل ما بقيَ من سوريا يصلح، فعلاً، لأن نُطلق عليه مُسمَّى "وطن"؟
بل هل يحقُّ لنا الغضب من صورة تاجر مخدّرات يقف أمام مَعْلَم وطنيّ، عندما يكون ساكن قصر الرئاسة على جبل قاسيون سفَّاحاً أكثر ضِعَةً وخسَّةً؟!
الحقّ أنَّ سيلفي نوح زعيتر هي أصدق صورة لسوريا في ظلّ حكم العائلة. إنها سيلفي لبشار الأسد نفسه وقد استُبدل نُصْب السيف من ورائه بشبح أبيه

شاعر وكاتب سوري
عن "زمان الوصل" 2019-12-30

تعليقات

الأكثر قراءة

لولو

حسين العودات.. رحلة القلق والأمل

الحرية للشاعر المعتقل ناصر بندق