#أنقذوا_مخيم_الركبان من الإبادة بالحصار والجوع والعطش

الحصار والتجويع أجبر الكثير من العائلات السورية على مغادرة "مخيم الركبان" إلى مناطق سيطرة النظام السوري خلال السنوات الماضية، لكن الكثير من سكانه لا يرغبون في المغادرة خشية الأعمال الانتقامية بالرغم من افتقارهم إلى أبسط مستلزمات العيش في المخيم، وقد وجهوا العديد من المناشدات إلى هيئات المجتمع الدولي لإدخال المساعدات الإنسانية وضمان أمنهم، غير أن سياسة الحصار استمرت، وأُضيف إليها حرمانهم من الماء.

قصة "مخيم الركبان" واحدة من المآسي الإنسانية الكثيرة التي تقاسمها السوريون منذ أن طلبوا الحرية، فهذا المخيم الذي لم يحالفه الحظ لإدراجه ضمن المخيمات الرسمية لدى الأمم المتحدة، هو منطقة مكونة من البيوت الطينية والخيم البدائية، تقع على الحدود السورية-الأردنية، ضمن مساحة الخمس وخمسين كيلو مترًا المنزوعة السلاح بين البلدين. سيطرت عليها بعض فصائل المعارضة المسلحة، وعلى بعد عشرين كيلو متر منها أقامت قوات التحالف الدولية "قاعدة التنف" العسكرية أواخر عام 2014، ما جعلها منطقة محمية، يلوذ بها الفارون من القصف الجوي والبري لقوات الأسد وأعوانه. 

وقد ذكر تقرير "الشبكة السورية لحقوق الإنسان"، الصادر في 14 تشرين الاول 2018، أن المخيم كان ملتقى الراغبين بالعبور إلى الأردن عبر نقطة الركبان الحدودية، ثم بات ملجأ الهاربين من تصعيد وتيرة الأعمال العسكرية في ريف حمص الشرقي ومحافظتي دير الزور والرقة، ومع نهاية عام 2016 بلغ عدد النازحين إليه حوالي 85 ألف.

منذ أواخر عام 2015 بدأت الأردن بتقييد حركة عبور النازحين إلى أراضيها، وفي حزيران 2016 أغلقت جميع المعابر الحدودية مع سوريا، وقيدت عمليات إدخال المساعدات الإنسانية إلى المخيم، إثر هجوم تنظيم "داعش" الإرهابي على معبر الركبان ومقتل عدد من الجنود الأردنيين، ومع بداية عام 2018 رفضت إعطاء الإذن بدخول مساعدات منظمة الشؤون الإنسانية التابعة للأمم المتحدة عبر حدودها. في المقابل منعت السلطات السورية مكتب الأمم المتحدة من إيصال المساعدات إلى المخيم، وبهذا المنع بات الأهالي يعانون من الحصار الخانق والعوز، ويعتمدون بالكامل على المواد الغذائية والطبية المهربة وبأسعار تفوق بكثير طاقتهم الشرائية الضعيفة.

في تشرين الأول عام 2018 أغلق النظام السوري طريق دمشق-بغداد، الوحيد المؤدي إلى المخيم، وفقد السكان أية وسيلة لتأمين الغذاء والدواء، ما أدى إلى وفاة ستة أشخاص جوعًا خلال شهر واحد، كان من بينهم خمسة أطفال، وبحسب الشهادات التي جمعتها الشبكة السورية فإن أهالي الركبان يعيشون غلاء فاحشًا بلا فرص عمل، وبلا رعاية صحية، أو مدرسة يذهب إليها أطفالهم، تعبث تقلبات الطقس بخيمهم البائسة، التي لا يتوفر فيها الصرف الصحي، ولا الوسيلة للتخلص من النفايات. يشعرون وكأنهم سجناء الصحراء، لا يستطيعون عبور الحدود المغلقة، ولا الخروج إلى مناطق النظام خشية من الملاحقة والاعتقال.

تفاقمت الضغوط على المخيم، وبعد اجتماع "حلّ مخيم الركبان وإجلاء ساكنيه"، الذي نظمه "مركز المصالحة الروسي" في معبر "جليغم" بتاريخ  الثاني من نيسان 2019، نُقلت عشرات العائلات بالحافلات الخضراء إلى "مركز إيواء محمد عثمان للإقامة المؤقتة" في ريف حمص، الذي يُستخدم لتجميع النازحين، و"تسوية أوضاعهم". لكن سكان المخيم فقدوا الاتصال بالعائلات التي غادرت، ولم تمضِ عدة أيام حتى شاع خبر إعدام قوات النظام لامرأة وأطفالها في حمص بعد عودتهم من المخيم بضمانات روسية، وفي اليوم التالي أُعدم رجل آخر من العائدين.

لم يبقَ اليوم في مخيم الركبان سوى قرابة سبعة آلاف وخمسمئة نازح، ممن أبدوا عدم رغبتهم في عقد تسوية مع نظام الأسد والخروج إلى مناطق سيطرته خوفًا من البطش والاعتقال، ولعدم ثقتهم بالضمانات الروسية، وهم يفتقدون إلى أبسط الحقوق والمستلزمات، ويعانون من الجوع والمرض والعطش ولدغ العقارب، وفي العاشر من آب 2022 أطلقوا حملة #أنقذوا_مخيم_الركبان على وسائل التواصل الاجتماعي باللغتين العربية والإنكليزية، على أمل أن يجد النداء أذنًا صاغية تسهم في إنقاذهم من الإبادة الممنهجة بالحصار والجوع والعطش.

#أنقذوا_مخيم_الركبان

#SaveAlrukbanCamp

تهامة الجندي

تعليقات

الأكثر قراءة

رواية التّماسيح لـ يوسف رخَا.. رؤية المستقبل بالنظر إلى تجارب الماضي

علي الشهابي.. شريك الثورة والجراح

صحيفة "الأخبار" تمثّل بجثث السوريين