ربما لم يكن "بعد الموّقعة" أحد أجمل أفلام المخرج المصري يسري نصر الله، أو أكثرها نجاحا، لكنه بالتأكيد واحدا من أهمها، أولا لقدرته على إعادة الفيلم الروائي إلى واجهة الاهتمام، بعد أن سُحب البساط من تحته، في ظل الثورات العربية، التي دفعت بالفيلم التسجيلي وأشرطة الفيديو إلى الصدارة، كأدوات مفضلّة للتعبير عن الأحداث الساخنة وتوثيقها. وثانيا لقدرته على طرح العديد من الأسئلة الجادة، حول إمكانية السينما العربية في إعادة إنتاج مجريات الثورة بقالب درامي، يراعي جماليات الفن، ولا يخون الواقع؟ وقد عُرض الفيلم في مركز "wake" الثقافي ببيروت، بحضور الناقد السينمائي إبراهيم العريس، الذي أشار إلى أن العمل يندرج ضمن لائحة، تضم ستين من الأفلام التي تقارب موضوع "الربيع العربي".
بعد أن شهدتَ أوربا الاعتداء الدموي على مقرّ صحيفة "شارلي إبدو" العام الماضي، وما أتبعه من هجمات إرهابية في باريس وعواصم أوربية أخرى، تنبئ باحتمال الاستمرار في وقوع أحداث مماثلة. وبعد أن كشفت أشرطة الفيديو، أن أغلب الانتحاريين من الشباب، ومنهم من وُلد وترعّرع في القارة العجوز. بدأ الأوربيون يفكرون مليا بالعوامل الكامنة وراء بروز ظاهرة التطرف في مجتمعاتهم، وهو موضوع الندوة الحوارية التي أُقيمت في العاصمة البلغارية صوفيا، بالتعاون مابين "الدار الحمراء" و"المركز الفرنسي"، تحت عنوان "شباب وساخطون في القرن الواحد والعشرين/جذور التطرف في أوربا- التجربة الفرنسية أنموذجا".
"بعد عشرة أعوام أو أكثر- بينما حزب النور السلفي وحزب الحرية والعدالة التابع للإخوان المسلمين يربحان الانتخابات التي بدأت، والأمن لا يزال يقتل وينهب في الشوارع، وفيالق الشرطة العسكرية من قواتنا المسلحة تسحل المتظاهرين وتجردهم من ملابسهم وتميتهم ضربًا، ثم تجر الجثث إلى أكوام الزبالة فضلاً عن قنصهم وتعذيبهم داخل المنشآت العامة- أصبحتُ أعرف أن الشر يبدأ من حيث يتصور الإنسان أنه بمعرفة أو عقيدة أو هوية، يمكنه أن يغيّر مجرى حياة سقطت على كتفه مثل حقيبة" (ص179). والمقطع السابق يقع في سياق الصفحات الأخيرة من رواية "التّماسيح" للكاتب المصري يوسف رخا، لكن الرواية بحد ذاتها لا تتحدث عن ثورة المصريين، بقدر ما تحاول استشراف الظروف والمسببات التي أدت إلى حدوثها ومن ثمة إخفاقها في تحقيق مطالب الشارع المنتفض، ذلك من وجهة نظر شاعر ينتمي إلى جيل التسعينيات، يستعيد ذاكرة العقدين الأخيرين، ويعاين تجارب ومصائر أقرانه من النخب المثقفة على اعتبار أنها طليعة المجتمع المصري ومرآته التي بإمكانها أن تعكس السلبيات والإيجابيات، كما التشوهات والأزمات على اختلاف تجلياتها.
تعليقات
إرسال تعليق