إيران والقضية الفلسطينية

 


منذ قيام "الجمهورية الإسلامية" في إيران عام 1978، وهي تحاول استغلال القضية الفلسطينية لخدمة مصالحها التوسعية في العالم العربي، ولضمان موقع لها في الساحة الدولية والإقليمية، يمكن توظيفه للتفاوض على ملفات حساسة مثل البرنامج الإيراني النووي.

بنى النظام الإيراني موقفه السياسي والعقائدي على أساس العداء لإسرائيل والغرب، واعتبار القضية الفلسطينية قضية إسلامية، وعمل على إنشاء حواضن شعبية وجماعات مسلحة موالية لإيران في البيئات العربية التي تعتنق المذهب الشيعي، مثل جنوب لبنان، النجف في العراق، وصعدة في اليمن، ومع مرور الزمن أصبحت تلك الجماعات أشبه بدولة داخل الدولة، وخاضت حروبًا طاحنة لإجهاض حركة "الربيع العربي" لأنها أبدت مرونة إزاء السلام العادل والشامل مع إسرائيل.

حزب الله ظهر في لبنان عام 1982، وخاض صراعات عنيفة مع القوى الوطنية اللبنانية لتثبيت سلطته وسيطرته على الحياة السياسية. مع بداية الثورة السورية أرسل مقاتليه إلى سوريا دعمًا لنظام أسد، وأسهم في قتل السوريين وتهجيرهم.

جماعة الحوثي تأسست في اليمن عام 1992، وبرزت كقوة عسكرية بعد عام 2011، حاربت الحكومة الشرعية المنتخبة، وسيطرت على العاصمة صنعاء عام 2014. وهي تُصنف كفصيل إرهابي في عدد من الدول مثل السعودية والإمارات والولايات المتحدة.

"الحشد الشعبي" مجموعة من الميليشيات المسلحة تأسست في العراق عام 2016 بذريعة قتال تنظيم "داعش". تتبنى المليشيات المواقف الإيرانية، وتخضع للحرس الثوري الإيراني، وتنفذ أوامره في العراق وسوريا.

في سوريا لم تنجح إيران بإنشاء قوى محلية تابعة لها لعدم وجود حاضنة اجتماعية شيعية. لكنها تعتبر نظام الأسد حليفًا استراتيجيًا من الدرجة الأولى وتدعمه بكل الوسائل، ومنذ عام 2011 بدأت تنشر قواتها المسلحة في جنوب وشمال وشرق سوريا.  

منذ توقيع معاهدة أوسلو عام 1993 وقيام السلطة الفلسطينية إيران تلعب دورًا بارزًا في إفشال "حل الدولتين". وتقدم الدعم السياسي والمادي للفصائل الفلسطينية الإسلامية المسلحة من منطلق عقائدي وعلى أرضية التعاون الذي يخدم أهداف إيران التوسعية في المنطقة، ويرى الكثيرون أن حركة "الجهاد الإسلامي" تتبع بالكامل لإيران منذ ثلاثة عقود، فيما تحاول حركة "حماس" الحفاظ على استقلاليتها.

أنشأت سوريا وإيران والجماعات التابعة لها ما يُعرف بحلف "المقاومة والممانعة" ضد إسرائيل والغرب، ورفع الحلف شعار (وحدة الساحات) ما يعني أن أيّ عمل عسكري أو هجوم على منطقة نفوذ أحد الأطراف الحلف، يستوجب الرد عليه من جميع الأطراف الأخرى.

على هذا الأساس تتعرض القواعد الأمريكية والحدود الإسرائيلية إلى هجمات صاروخية متكررة، تنفذها إحدى الميليشيات التابعة لإيران منذ بداية الحرب بين "حماس" وإسرائيل في 7 أكتوبر. ويخشى المراقبون من اتساع رقعة المعركة، ومن ارتداداتها الأمنيّة والعسكرية على عموم الشرق الأوسط، تحديدًا إذا قررت إيران وأتباعها أن يستغلوا تعاطف الشارع العربي مع أهالي قطاع غزة، وينخرطوا في القتال، بالرغم من معارضة الكثير من الإيرانيين والعرب لاستمرار الحرب أو المشاركة فيها.

إعداد تهامة الجندي 

 

تعليقات

الأكثر قراءة

رواية التّماسيح لـ يوسف رخَا.. رؤية المستقبل بالنظر إلى تجارب الماضي

عدنان الزراعي.. في انتظار وعد السراب

زيلينسكي: اسألوا أنفسكم لماذا لا يزال بوتين قادرًا على الاستمرار في الحرب؟