المشاركات

عرض الرسائل ذات التصنيف قصة قصيرة

كم هم لطفاء

صورة
بقلم: مصطفى تاج الدين الموسى "لدي معاناة حقيقية مع شعري عمرها عشر سنوات، أُطيله دائمًا.. ونادرًا ما أقصه، وبشكلٍ طفيف.. لكنه جعد وأنا أريده أن يكون ناعمًا كالحرير. وقد جربت معه خلال تلك السنوات العديد من الكريمات والزيوت، لكنه ظلّ جعدًا، وعندما أكون في الشارع، نسمة هواء بسيطة تكفي لأن تحولني إلى غول، فيهرب الأطفال من أمامي، وكأن وجهي هو وجه (ميدوسا) ذو الأفاعي. آهٍ  من شعري الطويل، أتعبني كثيرًا ولم يصبح مثلما أريد.. مساء البارحة تم اعتقالي، رئيس الدورية أمام باب البيت رحّب بي على طريقته الخاصة، استغربت منه.. فبدلاً من أن يصافح يدي، صافح وجهي بحرارة، ليطير سنٌّ من فمي ويسقط على الشارع.

الأحــوازي

صورة
بقلم: ماري تيريز كرياكي كان يومًا شاقًا وطويلا فقد قمت بالترجمة لما يقارب العشرين شخصًا أغلبهم من السوريين والعراقيين والفلسطينيين واللبنانيين، أما آخر شخص لهذا اليوم فكان رجلا في الأربعينيات من عمره من الأحواز. كنت قد قرأت عن أن الأحواز منطقة عربية محتلة؛ ما زال سكانها يتكلمون العربية رغم كل محاولات الدولة التي احتلتها رفض هذه اللغة وإجبار سكانها على التكلم باللغة الإيرانية، لكنني لم أتوقع أن أصادف أحد سكانها.

معايدة

صورة
بريشة سميرة بيراوي بقلم: سلوى زكزك مطر غزير يهطل منذ الصباح، تعتمد أم صادق على صوت زقزقة العصافير لتخرج من جحرها، العصافير التي تصمت فور هطول المطر لتعاود الزقزقة فور توقفه وكأنها تخبر الجميع بأن الغيمة الماطرة قد أفرغت ما في جوفها وعادت أدراجها نحو السماء. تعيش في الحديقة العامة منذ ثلاث سنين، كل شيء مبتل، الفرش والوسائد وأكياس المونة والغطاء الصوفي العتيق واللحاف القطني السميك وحقيبتا الملابس. بأعجوبة، صنعت لنفسها مأمنا من مياه الأمطار التي زادت عن معدلها السنوي هذا العام، سطتْ أم صادق على دفتيّن من الخشب، يسمونها أرضية، وهي فعلًا القاعدة السفلية لحاوية بلاط الرصيف الذي قرروا تغييره منذ شهرين، في أول يوم لهم سرقتْ الدفة الأولى، حين استغلت انشغالهم بكاميرات التلفزيون التي جاءت تصور الحدث العظيم، وتنقل بالصور وليس بالخبر فقط الإصلاحات العظيمة التي تحصل يوميًا للبنية التحتية للمدينة رغمًا عن أجواء الحرب الضروس التي تنشر الفتنة القاهرة وتلحق بالمدينة خسارات غير محتملة.

لولو

صورة
بقلم: غسان الجباعي حجمها صغير لدرجة أنها إذا عضتك لا تشكّل خطرًا على حياتك. لكنها رشيقة كالقطة، تملك قدرة فائقة على اللعب والهرب والاختباء والمناورة والتربّص بك. كان اسمها "لولو". كلبة بيضاء كاللؤلؤ يغطي جسمها صوف كثيف. ومع أنها من فصيلة الثعالب، طويلة الخطم، غير أنها مستديرة الأذنين، لطيفة الشكل، كلعب الأطفال. وهي متوترة وشرسة بشكل مضحك، إذا اقتضى الأمر. عيناها سوداوان مستديرتان، مثل زرين من البلاستيك، تلمعان خلف خصلات غرتها الطويلة. قال الطبيب لصاحبها مؤنس، إنها السبب في توترها وشراستها. ولذلك نصحه أن يقصها بين فترة وأخرى. لكن تلك الغرة على ما يبدو، كانت جزءًا من طبيعتها وهويتها. فقد اكتشف مؤنس عندما جرب ذلك، أنها فقدت حيويتها وطرافتها، كما فقدت بريق عينيها وذكاءها الحاد، فلم يعد إلى ذلك ثانية.