المشاركات

عرض الرسائل ذات التصنيف شهادة حية

أشباح الأقبية

صورة
لونا وطفة بقلم: لونا وطفة نيسان/أبريل العام 2014- المهجع الرابع من الجناح الخامس في السجن المركزي في دمشق. أسلمتُ جسدي المنهك للفراش، وغفوت بعمق هاربةً من ازدحام وشوشات المعتقلات الأربعين اللواتي يشاركنني مهجعاً يتسع بالكاد لنصف هذا العدد. النوم هو غيبوبةٌ ألوذ بها بمحض إرادتي، أو هو نصف موتٍ كما يقال. في تمام الثالثة فجراً من تلك الليلة النيسانية، انتزعني الفزع من غيبوبتي، حيث وقف أحد الحُرَّاسِ فوق رأسي مادّاً قامته، ثم شدّني بعنف ودفعني ركلاً وضرباً أنا والأخريات خارج المهجع.

أنا سارة العذراء

صورة
سارة العلاو بقلم: ياسمينة بنشي “أخشى أن أذهب دون عودة، أخشى أن يأخذوني للموت”، عبارات كانت تردّدها سارة داخل سجن عدرا بصوتٍ مرتجف ودقات قلبٍ متسارعة قد يسمع خفقانها مَنْ كان به صممُ. الشابة سارة العلاّو، مواليد عام 1994 في مدينة البوكمال التابعة لمحافظة دير الزور، طالبة في المعهد التقاني الطبي في جامعة دمشق، اعتقلت خلال الامتحانات في شهر يونيو عام 2013 من قبل عناصر الأمن بعد وشاية من إحدى زميلاتها في الجامعة إثر حوار حادّ دار بينهما عن الأوضاع والأحداث التي تجري في سوريا، حيث تمّ نقلها إلى فرع الأمن السياسي بمنطقة الفيحاء بدمشق.

صوروا السجينات عاريات إلا من رقم

صورة
عائدة حاج يوسف بقلم: عائدة حاج يوسف أيّ ذنبٍ اقترفته حتى تعرضت لما تعرضت له في سجون الأسد؟ أيّ قانونٍ يسمح بإقصاء كياني وتجريدي من إنسانيتي؟ أيّة شريعةٍ تسمح بحرماني أطفالي؟ وأيّ عرفٍ يُخوّلهم استبدال اسمي برقم؟ وأيّة اعتباراتٍ اجتماعيةٍ تجعلهم يتخلّون عنًي؟ ما زالت تلك الأسئلة مرفقةً بالرقم "826" تراودني كُلّ لحظةٍ منذ تاريخ اعتقالي ليلة 27 كانون الأول ديسمبر/2016 وزجي بسجن فرع الأمن العسكري بمحافظة حماه بذريعة التظاهر ضد ما يطلقون عليه في عالمهم الإجرامي "نظام الحكم" ومُعالجة الجرحى المدنيين الذين أُصيبوا جراء قصفهم الهمجي على المناطق الثائرة.

يوم ونيّف في يبرود

صورة
عاصم الباشا بقلم: عاصم الباشا بالأمس ودعت زوجي نيكول في مطار دمشق في السادسة صباحًا عائدة إلى مدريد، كنا قد نجحنا في مغادرة يبرود مع بدء اجتياح الدبابات لها، أي بعد انفجار القذيفة الرابعة . لم نهرب، فعلنا كي لا تضيع فرصة عودتها، وقد فاجأتني برباطة جأشها، تصرّفت وكأن قذائف الدبابات ولعلعة الرصاص من كل جانب أمر اعتادته . قيل لنا فيما بعد إنهم منعوا كل خروج أو دخول إلى المدينة بعد اجتيازنا حاجزي العسكر والشبّيحة بربع ساعة . ودّعتها وانطلقت عائدًا إلى يبرود . لم أصادف عائقًا لوصولي إلى “عين العصافير” حيث مشغلي . في السابعة والنصف صباحًا كانت الشمس دافئة، فقلت لنفسي، عملاً بالتقليد الروسي بعد سهرة عامرة مع أصدقاء وليلة قضيتها بلا نوم، اشرب كأسًا من البيرة قبل أن تزور أمّك . ما إن تجرّعت رشفتي الأولى حتى ارتجّ الوادي بانفجار القذيفة الأولى، جاءت الإصابة على تاج صخري يعلو مكمني بحوالي المئتي متر .

سجون الأسد متن الموت وهامش الحياة

صورة
بقلم: مالك داغستاني "شووو؟ عطشان؟ بدَّك مَي بعد نص الليل؟ ولَك واللـه واللـه. إن فتحتلك الباب هلَّق لشرّْبك من......أمَّك، يا ابن......... نام ولا جحش، نام أحسن ما إجيك ها." هكذا رد السجّان عندما طرقت باب الزنزانة طالباً الماء. بسبب شدة العطش امتلكتُ الشجاعة لفعلتي تلك (الشدّة في هذا الموضع مختلفة كليّاً عن المفردة التي نعرفها في حياتنا العادية) بعد ترددٍ لا أعلم الآن، كم دام من الوقت. حدث ذلك بعد يوم يمكن وصفه بأنه كان دامٍ من شدة التعذيب. نعم شجاعتي المؤقتة والاضطرارية تلك دفعتني لطرق الباب، وفعلتها.

وداعًا والدي.. وداعًا أصدقائي

صورة
بريشة نهاد الحلبي بقلم: هاني الزيتاني لا زلت أذكر لحظة سماع اسمي للخروج من قبري الثاني، كان ذلك صباح الرابع عشر من شهر تشرين الثاني عام 2012. صعدت على درج طويل ولا يستر جسدي سوى سترة منسوجة من الصوف لونها أقرب إلى لون ورق شجرة الزيتون، كانت قد أهدتني إياها زوجتي قبل ليلة من دخول قبري الأول. إضافة إلى قطعة من القماش القطني تستر عورتي، كان لونها من لون ورق شجرة التين. لم تكن قدماي قادرتان على حمل جسمي النحيل، كانتا مخدرتين تمامًا بسبب عدم استعمالهما للمشي مدة مئتان وثلاثة وسبعين يومًا. في ذلك اليوم، لم أكن أعلم وجهتي. كنت أسير باتجاه المجهول معصوب العينين مقيدًا من يدي اليسرى بجنزير طويل مع عدة أشخاص لا أعرف عددهم، لكنني كنت أشعر بمصيري المشترك معهم.

البحث عن "الأحبة" بين وجوه المقابر الجماعية

صورة
رزان زيتونة بقلم: رزان زيتونة أحاول استرجاع تفاصيل ذلك اليوم ببطء شديد علّي أنفجر بالصراخ والنواح كما يفترض بشخص "طبيعي" أن يفعل. يرعبني الخدر الذي أحسه في صدري والضباب الذي يلف الصور المتلاحقة في ذهني. ليس هكذا تكون ردة الفعل بعد نهار حافل بالتعثر بالأجساد التي صفت إلى جانب بعضها البعض في الردهات الطويلة المعتمة. لفت بالأكفان البيضاء أو البطانيات القديمة، لا يظهر منها إلا وجوه مزرقّة ورغوة جمدت على زوايا الأفواه، وأحياناً خيط من الدماء يختلط بالزبد. على الجبين أو على الكفن، كتب رقم، أو اسم، أو كلمة "مجهول".

أوباما يتكلم العربية بطلاقة ويغار من بشار الأسد!

صورة
بقلم: معن وطفة لا يمكن لأي سوري أن ينسى برنامج (حكم العدالة) الذي كان يُبث كل ثلاثاء من إذاعة دمشق، والذكاء الخارق للمساعد جميل وكيفية حل الجرائم والتحليلات المنطقية المحيطة بالقصة والادلة الدامغة، وكأن القصة منقولة عن أحد اقسام الشرطة في سويسرا وليس في سوريا.. وطرق التحقيق مع المعتقلين والتعذيب الذي كان يختصر بعبارة: (يا مساعد جميل خدوا اعملو اللازم) ناهيك المحسوبية والرشوة وغير ذلك!

هل تخيلت يوماً ماذا يعني أن تكون لاجئاً؟

صورة
شام سفر بقلم: شام علي سفر أريد من الجميع في هذه الغرفة أن يغلقوا أعينهم وأن يتخيلوا معي ما سأقوله: “أنت نائم في بيتك، لأن الوقت متأخر، ولأنه عليك أن تذهب في اليوم التالي إلى عملك أو مدرستك، متخيلاً في تلك اللحظة بأنك في أكثر الأماكن أماناً في العالم، حيث لا أحد يستطيع إيذاءك، طالما أن والدك في المنزل، أو لأن أمك كانت قد أوصدت الباب جيداً قبل النوم. فجأةً تستفيق على أصوات الرصاص والقذائف، غير قادر على التفريق بينها، وبماذا سيفيدك تمييز تلك الأصوات عن بعضها، فأنت الآن هارب إلى أبعد ما يمكنك، تنظر خلفك كل عشر ثوانٍ لتتفقد أحد أفراد عائلتك؛ هل هو على قيد الحياة أم لا”

مالذي حدث في الغوطة الشرقية؟ (4)

صورة
بقلم: أوس المبارك (10) ربما يبقى تساؤل أخير بما يخص «الضفادع» والحالات المشابهة التي حدثت في المدن والبلدات التي دخلتها قوات الأسد: أين قضية الثورة لدى هؤلاء المقاتلين الذين كانوا محسوبين عليها؟ أين عداؤهم للأسد الذي ارتكب المجازر المروعة بأهلهم وأطفالهم حتى ساعات قبل دخوله إليهم؟ أين العقيدة؟! هذا السؤال مُثقَلٌ بما جرى طوال ست سنين، وسأحاول الإجابة عليه في حالة الغوطة بأقصر وأوفى ما أقدرُ عليه.

مالذي حدث في الغوطة الشرقية؟ (3)

صورة
بقلم: أوس المبارك (7) في زملكا، حيث قيادة فيلق الرحمن ومعظم مستودعات سلاحه، كان التخبط جلياً أكثر: عناصر يأتون ويشتمون القيادات وجهاً لوجه، والأخيرون يشتمون القيادات الأعلى منهم. وتأخذ بعضهم الحمية فيخرجون إلى الجبهة، ليعودوا بعد ساعات ويشتموا مجدداً. أحدهم قال إنه لو أن قوات الأسد تعرف أن لا شيء أمامها سوى بضع شباب ببواريد، لأصبحت خلال ساعتين في زملكا. شاب آخر بدأ يتواصل ويجمع معارفه من المقاتلين ليتعاهدوا على عدم خيانة الثورة مهما حصل، وأن يقوموا فوراً بقتل أي أحد يدعو إلى «المصالحة» لتجنب ما حدث في كفربطنا وحمورية. فيما كانت تأتي قيادات لتهدّئ الشباب وتعدهم أن العمل قريب، ويعني ذلك معركة باتجاه دمشق.

مالذي حدث في الغوطة الشرقية؟ (2)

صورة
بقلم: أوس المبارك (5) بعد سقوط النشابية وحزرما وتل فرزات، وتراجُعِ جيش الإسلام إلى ما بعد فوج الشيفونية، توقفت قوات الأسد عن التقدم باتجاه دوما، وتقدمت في الأراضي الزراعية الخاضعة لسيطرة الفيلق، وهي المحمدية والإفتريس والأشعري وبيت سوى. المحمدية تليها جسرين، والإفتريس تليها سقبا، والأشعري تليها حمورية، وبيت سوى تليها مسرابا ومديرا.

مالذي حدث في الغوطة الشرقية؟ (1)

صورة
بقلم: أوس المبارك إلى روح الطفلة تسنيم مضر ياسين مدخل (1) تسعى هذه المادة إلى ذكر الوقائع التي عايشتُها ميدانياً في معركة الغوطة الأخيرة، وتفسير أحداثها والمآل الذي انتهت إليه الغوطة، والأحداث التي سبقت هذا المآل ومهدت له، بعيداً عن نظريات المؤامرة والفهم الخاطئ وسوء الظن الذي سرى في معظم تناول هذا الحدث الصادم، الذي لا يضاهيه قبله إلا سقوط حلب. (2) لم يفعل الحصار بثوار الغوطة شيئاً أكثر من جعلهم متعلقين بها، بعد أن ظلّوا منقطعين عن التواصل الفيزيائي مع العالم خمس سنين. لا نقول إن الحصار كان أمراً حسناً أفاد الغوطة، لكنّ العزلة شبه الكاملة وَحَّدتْ ثوارها وعسكرييها معها، رغم تفرقهم واقتتالاتهم وتنازعاتهم الدائمة، فاستثنوا من حساباتهم أن يخرجوا منها.