المشاركات

عرض المشاركات من 2017

شكرا فردريك لونوار

صورة
في الثاني عشر من كانون الأول عرضت القناة الفرنسية الثانية فيلم "سوريا الصرخة المخنوقة" حول اعتقال النساء واغتصابهن في سوريا منذ بداية الثورة، وعلى إثر ذلك وجه الفيلسوف الفرنسي فردريك لونوار نداء إلى الرئيس إيمانويل ماكرون لتحرير المعتقلات السوريات عبر عريضة كتبها ونشرها على النت للتوقيع. شكرا لبطلات الفيلم، لمخرجته مانون لوازو لفريدريك لونوار، شكرا لكل من أصغى إلى صرخة سوريا المخنوقة ومد لها يدا بيضاء.

ممدوح عدوان.. نحن دون كيشوت

صورة
في ذكرى رحيله  في بداية كتابه "نحن .. دون كيشوت/ بحث وقصيدة" يضعنا الأديب ممدوح عدوان أمام ملخص لرواية "دون كيشوت" ذاك النبيل الذي شارف على الخمسين من العمر، وكان يقضي الأوقات التي لا عمل له فيها في الانكباب على قراءة كتب الفروسية بلذة ونهم، جعلاه ينسى الخروج للصيد وإدارة أعماله، وتستبد به فكرة هي أغرب ما يتخيله مجنون في هذه الدنيا، فقد رأى من اللائق بل من الضروري … أن يصبح فارسا جوالا .. وأن يمارس جميع ما قرأه عن الفرسان الجوالين، أن يصلح الأخطاء ويتعرض للأخطار. سمى نفسه ألونسو كيخانو، الدون كيخوت (دي لا مانشا) على اسم منطقته، وأخذ أسلحة قديمة مهترئة كانت لأجداده، وكانت تلك الأسلحة ينقصها خوذة، فتدارك الأمر بصحن حلاقة أخذه من حلاق متجول، وركب حصانا هزيلا أطلق عليه اسم روثينانتة، وبهذا بدأت مغامراته ومعركته الخاسرة من أجل تغيير العالم نحو الأفضل، التي انتهت بعودته إلى بيته وقد شاخ   واسترد عقله، لكن عودة العقل تحدث وهو على فراش الموت.

الرقيب الخالد.. فيلم ينحاز إلى السلمية وحق السوريين في الحياة

صورة
للجيش منزلة خاصة في تشكيلات الدولة السورية، على اعتبار أن البلد مهدّد ومُقاوم، بحكم جواره لكيان العدو، منزلة بدأت من التبجيل في النشيد الوطني "حماة الديار عليكم سلام، أبت أن تُذل النفوس الكرام". وانتقلت إلى الخدمة الإلزامية، المفتوحة الأمد، والمفروضة على كل مواطن ذكر. وتوسعت لتطال طلاب المرحلة الثانوية بفرض الزيّ العسكري الموحد عليهم، ومادة الفتوة، ودورات الشبيبة الصيفية للتدريب على المبادئ الأولية للعسّكرة. مرورا بالامتيازات الكبيرة التي تتمتع بها الرتب العليا من الضباط وما فوقهم، انتهاء بالميزانيات الهائلة التي اقتُطعت من خبز الملايين، لتغطية نفقات تدريب هذا الجيش وتسليحه وبناء ترسانته الحربية، بما فيها الأسلحة الكيماوية، حتى غدا واحدًا من أقوى جيوش المنطقة العربية.

صادق جلال العظم.. في الحب والحب العذري

صورة
في ذكرى رحيله كثيرة هي الأدبيات العربية التي تناولتْ ظاهرة الحب وسير العشاق في تاريخنا القديم والحديث، لكن كتاب المفكر السوري صادق جلال العظم [1] "في الحب والحب العذري" [2] الصادر عام 1968، كانت له الريادة في مناقشة هذه الظاهرة وأشكالها المختلفة من وجهة نظر علمية بحتة، تتماشى مع روح العصر وتوجهاته، وكان أول من تجرأ وربطَ الحب بفاعلية الجسد، وأكد على أن تلازم هذان الجانبان دليل على الصحة النفسية، ولم يفرق في ذلك بين رجل وامرأة، بل رسم تصورًا متكاملًا لعلاقة إنسانية تقوم بينهما دون قسر أو قهر أو أية اعتبارات أخرى غير دوام الحب.

كريستينا فويرش.. تشي غيفارا مات في لبنان

صورة
حين دخلّتُ "مترو المدينة" قبل عشر دقائق من بدء الفيلم التسجيلي "تشي غيفارا مات في لبنان" كانت الصالة تغصّ بالحضور، لم أتوقع هذا الإقبال، لكنه لم يفاجئني، الدخول مجاني، وعنوان العرض يوحي بأكثر من دلالة وسؤال. المبتدأ يحمل اسم أجمل ثوار القرن العشرين، وصورته لا تزال تسكن وجدان الكثيرين، وتكبر مع المد الثوري الذي يجتاح العالم العربي، والخبر يحيلنا إلى واحدة من أشهر أغنيات الشيخ إمام وفؤاد نجم، والجار والمجرور في الجملة يفتح قوس السؤال حول معنى الموت في بلد الحياة، وزمن الثورات العربية.

غالينا إفستاتييفا.. الإسلام وحجاب النساء في العالم العربي

صورة
هل غطاء رأس المرأة وجسدها فرض ديني، أم عرف اجتماعي-ثقافي؟ ما هي جذور هذه الظاهرة، وما الذي طرأ عليها من متغيرات، ولماذا انبعث الحجاب على المستوى الجمعي في العقود الأخيرة، بعد أن كاد يلفه النسيان في ستينيات وسبعينيات القرن العشرين؟ أسئلة جديرة بالاهتمام تناقشها الأرابيست البلغارية د. غالينا إفستاتييفا في كتابها "الإسلام وحجاب النساء في العالم العربي" الصادر في صوفيا، عن دار "شرق غرب" عام 2016.  وجهد الدكتورة غالينا، هو امتداد للبحث في واحدة من أبرز القضايا، التي أثارت الجدل بين أواسط الكتَّاب والباحثين في العصر الحديث، بدءًا من الانطباعات الأولى للمستشرقين عن الزيّ في المجتمعات الإسلامية، وحتى آخر الدراسات الأكاديمية حول أوضاع النساء المسلمات. وهو الإرث المعرفي الذي تستند إليه الباحثة لدى تناولها ظاهرة الحجاب، ووضعها في سياقها التاريخي الاجتماعي، وتحليل دلالاتها الاقتصادية والثقافية والسياسية.

شموع الحرية خير من ظلمات الاستبداد

صورة
لم يكن جزافًا ما كتبه سليل شيتي في أحدث تقارير منظمة العفو الدولية من أن عام 2017 سيحفل بجرائم الكراهية والشعور بالخوف وعدم الاستقرار نتيجة "مقايضة جديدة عرضتها الحكومات على شعوبها، تقوم على وعود بتحقيق الأمن وتحسين الأوضاع الاقتصادية مقابل التخلي عن حقوق المشاركة والحريات المدنية".

حصاد الأدب العربي في اللغة البلغارية.. عناوين خجولة تتقدمها قافلة العطش

صورة
ما هو نصيب الإصدارات العربية من اهتمام القراء ودور النشر في بلغاريا؟ سؤال بدأ يلح عليَّ، بعد أن قضيت نصف نهاري في واحدة من أحدث وأهم المكتبات في صوفيا، ولم أعثر على أي من أسماء كتَّاب العالم العربي، مع أن أجنحة المكتبة ورفوفها التخصصية، تزخر بالكتب المُترجمة عن اللغات الأجنبية، وتشير إلى أن العاصمة التي تقع على مفترق طرق، يربط أوروبا بالشرق، تشهد حراكًا ملحوظًا على مستوى النشر والترجمة.

الطريق إلى حلب.. يبدأ من صخرة سيزيف وينتهي بالرقص على الجراح

صورة
غريب يتسلل الحدود التركية السورية، ويستطلع شوارع بلدة آهلة بالسكان، هي "كوباني"، التي تقع على بعد مئة وخمسين كيلومترًا شمال شرق حلب، وفي ساحة البلدة صبية تتابع بعينيها العاشقتين شابًا يشبه النموذج التشيغيفاري، لا يعيرها أدنى انتباه، وهؤلاء الثلاثة سوف تجمعهم المصادفة بعد حين على أحد حواجز التفتيش، ثم في أحد معتقلات النظام، وسوف يتعارفون، ويتشاركون في رحلة البحث عن محامية اختفت قسّريًا في سجون البعث، قبل اندلاع الثورة السورية بزمن طويل.

شباب وساخطون في القرن الواحد والعشرين

صورة
بعد أن شهدتَ أوربا الاعتداء الدموي على مقرّ صحيفة "شارلي إبدو" العام الماضي، وما أتبعه من هجمات إرهابية في باريس وعواصم أوربية أخرى، تنبئ باحتمال الاستمرار في وقوع أحداث مماثلة. وبعد أن كشفت أشرطة الفيديو، أن أغلب الانتحاريين من الشباب، ومنهم من وُلد وترعّرع في القارة العجوز. بدأ الأوربيون يفكرون مليا بالعوامل الكامنة وراء بروز ظاهرة التطرف في مجتمعاتهم، وهو موضوع الندوة الحوارية التي أُقيمت في العاصمة البلغارية صوفيا، بالتعاون مابين "الدار الحمراء" و"المركز الفرنسي"، تحت عنوان "شباب وساخطون في القرن الواحد والعشرين/جذور التطرف في أوربا- التجربة الفرنسية أنموذجا".

ألا تكفي صور قيّصر لرحيل النظام؟!

صورة
تستمر المحّرقة السورية بابتلاع ضحاياها من المدنيين العزّل، متجاوزة كل معايير المنطق والعقل والأخلاق، بحيث يبدو المشهد، وكأنه ضرب من ضروب العبث الشيطاني الغير قابل للتصديق أو التحليل. فبعد انتشار جرائم "داعش" في الدول الغربية، فقدَ الناشطون السوريون الكثير من مناصريهم في العالم الحر، فيما أُعيد الاعتبار لنظام الأسد كحليف في مواجهة الإرهاب.

بعد الموقعة لـ يسري نصر الله.. المرأة بطلة الحراك الثوري والتغيير

صورة
ربما لم يكن "بعد الموّقعة" أحد أجمل أفلام المخرج المصري يسري نصر الله، أو أكثرها نجاحا، لكنه بالتأكيد واحدا من أهمها، أولا لقدرته على إعادة الفيلم الروائي إلى واجهة الاهتمام، بعد أن سُحب البساط من تحته، في ظل الثورات العربية، التي دفعت بالفيلم التسجيلي وأشرطة الفيديو إلى الصدارة، كأدوات مفضلّة للتعبير عن الأحداث الساخنة وتوثيقها. وثانيا لقدرته على طرح العديد من الأسئلة الجادة، حول إمكانية السينما العربية في إعادة إنتاج مجريات الثورة بقالب درامي، يراعي جماليات الفن، ولا يخون الواقع؟ وقد عُرض الفيلم في مركز "wake" الثقافي ببيروت، بحضور الناقد السينمائي إبراهيم العريس، الذي أشار إلى أن العمل يندرج ضمن لائحة، تضم ستين من الأفلام التي تقارب موضوع "الربيع العربي".

نعم أنا غاضبة

صورة
نعم أنا غاضبة لأننا نحن السوريين لسنا مجرد صور وأرقام، نحن بشر من لحم ودم نُقتل ونُعتقل ونُهجّر بالمئات مع بداية كل فجر جديد، نفتح نهارنا على مشاهد الضحايا والدمار ونغلقه على الكوابيس منذ سبع سنين. الطائرات تحتل سمائنا وترمينا بالبراميل المتفجرة والقنابل العنقودية والسلاح الكيماوي، لا تفرق بين مدني أعزل ومقاتل يحمل السلاح، بين شيخ ورضيع، الطائرات تسحب أرواحنا منا ونحن نيام في أسرتنا، أو أمام الأفران ننتظر رغيف الخبز، تقتلنا ونحن في حضرة الله نصلي ونطلب الخلاص، وكم من لوحة رسمتها دماؤنا على مائدة العشاء الأخير.

نذير اسماعيل.. الدمعة الحبيسة بين الضلوع

صورة
ليس وحده الفنان نذير اسماعيل  من بين التشكيلين السوريين من تمحّورت جلّ تجربته الفنية الطويلة حول الوجوه، وليس وحده من انشغل بالتعبيرية الذاتية فقد سبقه إلى ذلك وتبعه الكثيرون، لكن نذير نجح في أن يمسح لوحته بلمسة ابداعية خاصة، يمكن التعرف عليها بيسّر من خلال مناخاته الحزينة التي تفصح عن تلك الدمعة الحبيسة بين الضلوع، وموضوعه هذا لم يتغير في معرضه الحالي الذي تقيمه حاليا صالة " Art on 56 th " في بيروت، وهي صالة حديثة فتحت أبوابها لفنانيّ العالم منذ ستة أشهر فقط، واستقبلت حتى اليوم ثلاثة سوريين منهم الفنان الحمصي إدوارد شهدا.

الشعب يُريد لـ جلبير الأشقر.. "نظرية المؤامرة" تعكس احتقارًا عميقًا للشعوب الثائرة

صورة
هل يكفي أن نفسّر "الربيع العربي" بحجم الفساد ونهب الثروات وانتهاك حقوق الإنسان في المنطقة؟ وأي المصطلحات بإمكانها أن تصف الحراك الشعبي الذي أودى بعدد من حكام الأبد: ثورة أم مؤامرة؟ وما هو مستقبل هذا الحراك في ظل تولي الأصوليات المعتدلة مقاليد السلطة؟ أسئلة شائكة وعالقة من هذا القبيل يحاول أن يجيب عنها الباحث اللبناني جلبير الأشقر في كتابه "الشعب يريد" مؤكدا منذ المقدّمة أن الانتفاضات الجارية تشكل سيرورة ثورية طويلة الأمد للدلالة على وقوع الحدث وعدم اكتماله، ذلك لاعتبارين: كون الموجة الثورية التي هزت المنطقة العربية بأكملها لم تسفر عن انتفاضات معمّمة إلا في ست دول، وكون الثورات السياسية غير قادرة على حل الأسباب العميقة للانفجار التي يقتضي حلها تغيرات اجتماعية-اقتصادية جذرية الطابع.

وجدي معوَّض.. وحيدون

صورة
هل الكتابة شكل من أشكال الإرادة الحرّة، أم أنها الاسّتلاب بعينه... الانصياع وراء هاجس غير مدّرك... هل هي نعمة، قبّس من السماء، أم أنها لعنة تتبعك مدى الحياة... هل هي الهدم أم البناء... عالم الخلق أم عزلة الكاتب...؟ ما الذي يحدث حين نبدأ بتدوين المفردات والأفكار...؟ كيف تتفاعل الذاكرة الشخصية بذاكرة الجموع في تضاعيف النص، وكيف يغوص العقل في سراديب الباطن...؟ هل اللغة وطن، هوية، انتماء... أم أنها العبث، السّراب الذي ندرك في مراياه تداعيات عجزنا...؟ الأسئلة تبدأ ولا تنتهي... تستدرجها سيرة الكاتب مع نصه في مسرحية وجدي معوّض "وحيدون" التي قُدّمت باللغة الفرنسية على مسرح "مونو" في ختام أمسيات مهرجان "ربيع بيروت"، أسئلة يسبقها الاستفهام عن سرّ استخدام صيغة الجمع في العنوان، مع أن العرض يدور بضمير المتكلّم، حول شخصية مفّردة، وسيرة بذاتها... من هم، ولماذا هم...؟ وحين نمعن النظر بالتفاصيل، ندرك أن الوحيدين هم الكتّاب ...أن الفضاء المسرحي يبدأ من العنوان، من انزياح الشخصي على العام.

دار الإقامة الفنية في عاليه.. المناخ لبناني والهوى سوري

صورة
إنها رحلتي الثانية إلى عاليه بحثا عن "دار الإقامة الفنية"، وفي المرتين أضعت الدرب كعادتي، لكني لم أشعر بالاستياء، شغلني الجمال الذي يسكن البلدة: جبلها الأخضر، يعلو سطح البحر بحوالي ثمانمئة وخمسين مترا، ويطرد الحر والرطوبة المرتفعة، شارعها الطويل، يعبر مقاهيها ومطاعمها الكثيرة، الموزعة بين الأشجار والزهور، مركزها التجاري الحديث، وسوقها القديم بمحّاله ذات الواجهات والأبواب الخشبية الموحّدة التي يعود طرازها إلى عشرينات القرن الماضي، مبانيها التراثية من الحجر الصخري والقرميد... "عروس المصايف اللبنانية" ملاذ مثالي لغسل الروح من التوتر والأرق...

عن مظاهرة سوق النساء في بلغاريا

صورة
بينما كان المسؤولون الأوروبيون خلال أيلول/سبتمبر الماضي، يحاولون جاهدين البحث في تداعيات أزمة اللجوء، وإيجاد مخرج مناسب لها، شهدت بلغاريا عدة أحداث لافتة بهذا الخصوص، من موقعها كعضو في الاتحاد الأوروبي، وبوصفها قناة أساسية لتدفق اللاجئين والمهاجرين غير الشرعيين إلى أوروبا الغربية، عبر حدودها مع تركيا، البالغ طولها 260 كلم.

دمشق في النصف الثاني من القرن التاسع عشر

صورة
في كتاب "الروضة الغناء في دمشق الفيحاء" لمؤلفه نعمان أفندي قسطالي نقرأ توصيفًا تفصيليًا ومنهجيًا لما كانت عليه الحياة الدمشقية في النصف الثاني من القرن التاسع عشر. وظهر الكتاب للمرة الأولى عام 1876، وأُعيد طبعه مرتين، الأولى عام 1974، والثانية في العام 2007 من تحقيق وتقديم خيري الذهبي، أما المؤلّف القساطلي فهو من مواليد دمشق عام 1854، وقد أصدر كتابه هذا وهو في الثانية والعشرين من عمره، كذلك كتب في مجلة "الجنان" لبطرس البستاني و"لسان الحال" لخليل سركيس، وألّف كتابا آخر لم يُطبع بعنوان "مرآة سورية وفلسطين" ونسب له الدكتور عبد الكريم غرابة كتاب "جسر اللئام عن نكبات الشام" غير أنه لم يصلنا، كما أنه كان واحدا من أوائل القصاصين في سورية، وقد توفي عام 1920.

باتريك موديانو.. رحلة الانتصار على الألم

صورة
لعلّ فوز باتريك موديانو بجائزة نوبل، هو الشكل الأكثر رفّعة لإرادة الانتصار على الألم، والتغلب على الوحشة الداخلية، حين تقترن الإرادة بحس ابداعي عميق، وموهبة خالصة، قادرة أن تجعل من ذاكرة الاضطراب والاغتراب رصيدًا أدبيا، حافلًا بالصور والأسئلة، التي تحاكي جانبًا من عذابات الجميع، وتستدرج اهتمامهم. كل صفحات الإنترنت تشير إلى أن الكاتب الفرنسي الشهير، وُلد وعاش سنوات طفولته وشبابه في ظروف قاسية على المستويين الشخصي والعام، وأن ذاكرة بداياته القلقة، كانت المادة الخام التي صاغت جميع نصوصه الأدبية الثمانية والعشرين، بما في ذلك روايته الجديدة "كي لا تضيع في الحي" التي تزامن صدورها بفوزه بأهم جائزة أدبية في العالم.

الفن في الحرب لـ ماركو ويلمز .. كيف أصبح الجدار صحيفة الثورة المصرية

صورة
كيف واجه نشطاء الثورة المصرية العنف بالأغاني والرسوم؟ وابتكروا أشكالا جديدة، لما يمكن تسميته بـ"فن الشارع" في غمار حراكهم السلمي من أجل الحرية، منذ انتفاضة يناير ورحيل مبارك، إلى عهد السيسي، هو ما استحوذ على اهتمام الفيلم الألماني "الفن في الحرب" ( (ART WAR الذي قُدّم في معهد "غوته" بالعاصمة البلغارية، ضمن عروض مسابقة الأفلام التسجيلية الطويلة في الدورة التاسعة عشرة من "مهرجان صوفيا السينمائي الدولي" الذي أقيم مابين 5و29 آذار/مارس.

نوال السعداوي.. الله هو العدل

صورة
من منا لا يعرف نوال السعداوي؟ لم يقرأ على الأقل واحدا من كتبها الخمسين؟ لم يتابعها على الشاشة الصغيرة أو من على منابر الثقافة؟ لم يُعجب بانتقاداتها اللاذعة، وتحديها الجسور لتقاليد المجتمع الذكوري، منذ ان صعد نجمها في أوائل سبعينات القرن العشرين؟ تساءلت وأنا في طريقي لحضور ندوة لها، يقيمها نادي "كلنا قراء" في مركز "ويك" بعين المريسة، ومن بين خيوط الهطل الغزير رحت أتأمل الظاهرة الثقافية العجيبة، أجيال تعاقبت، واسمها لا يزال الأول من بين الكاتبات العربيات اللاتي نشطّن من أجل التساوي بين الجنسين، وكرسّن قلمهنّ للدفاع عن قضايا المرأة، أفكارها غيّرت قناعات الكثيرين، ولم تتغير، والواقع العربي لايزال يراوح مكانه، لم يحسم أمره لصالح العدالة والحريات، رغما عن كل ثورات العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين؟!.

الثقافة والاستبداد لـ غسان الجباعي.. الثقافة تبني معنى الحرية وإرادة التغيير

صورة
"من هو المثقف؟ وما هي الثقافة؟ ومن هي السلطة؟ وما هو دور الحرية بينهما وفيهما؟ وإذا كانت السلطة –الدولة- أداة قمع وضرورة لا بد منها، لتنظيم الحقوق وتطبيق القانون والعدل، وبناء الدولة الحديثة ومؤسساتها، فهل يكون الاستبداد كذلك؟ هل السلطة والاستبداد شيء واحد؟ وهل يستطيع الاستبداد بناء دولة؟ وما هو دور في كلتي الحالتين، خاصة في ظل أنظمة القمع الشمولية؟". أسئلة ملحّة، تفرضها ثورات "الربيع العربي" بكل احتمالاتها وارتكاساتها، يطرحها علينا غسان الجباعي في كتابه "الثقافة والاستبداد" ويحاول أن يجيب عنها من موقعه كمثقف معارض، خبر المعتقل السياسي، وعانى من مختلف أشكال التهميش والحصار، من دون أن يستسلم لآلة القمع، فهو محصّن بقوة داخلية، تجعله ينجح دوما بفتح ثغرة في جدار العزّل، يطل منها على الجمهور، أحيانا بوصفه شاعر وقاص، وأخرى بوصفه مسرحي وروائي وكاتب سيناريو.

الياس خوري: علينا أن نتحرر من موروث الاستبداد حتى نرى أنفسنا

صورة
"السجن بمعناه الهندسي هو مكان عزل ورقابة صارمة، مركز قمع وإذلال وعقاب، وإلى القرن السابع عشر كان العقاب يعني تعذيب السجين علنًا حتى الموت، لكن مع دمقرطة الحياة تراجعت الأساليب الهمجية وظهر مفهوم إعادة تأهيل السجناء، أما أدب السجون في المنطقة العربية فقد بدأ مع ستينيات القرن الماضي برواية "تلك الرائحة" لصنع الله إبراهيم و"القلعة الخامسة" لفاضل العزاوي وروايات أخرى تحدثت عن تجربة المعتقل، وكلها كانت تربط فعل الكتابة بالحرية. لكن الجديد في التجربة السورية الذي بدا واضحًا منذ رواية "القوقعة" لمصطفى خليفة، هو أن السجن مكان اختفاء كامل وإعدام، أُضيف إليه المقتلة الكبرى بالتجويع أثناء الثورة. السجن السوري أشبه بمعسكرات الموت النازية، ومفارقة الأدب أن خيال الطاغية أوسع بكثير من خيال الأديب، وللأمر علاقة بغريزة التوحش. خيال الطغاة لا مثيل له".

شعلة السلام غياث مطر

صورة
في مثل هذا اليوم من عام 2011 أعتُقل غياث مطر، وبعد اربعة أيام فارقته روحه وهو تحت التعذيب، واستلم أهله جسده مشوهًا بلا حنجرة، وكان قبل أن يغادرنا ترك وصيته تقول: إخوتي شباب الثورة الأحرار، يا من شاركتموني درب الحرية في أيام كانت أجمل أيام حياتي على الإطلاق إن آلمكم خبر استشهادي فاعلموا أنني الآن قد نلت السعادة والحرية في آن معًا، وإنني أتمنى أن أعود للحياة، لأرفع مجدداً راية الحق والعدل والكرامة والحرية وأستشهد من جديد.

بوّابات أرض العدم لـ سمر يزبك.. نموت أو ننتصر

صورة
"وجه منّهل يقطر دمًا، وعيناني تنّطبقان وتنّفتحان، اعتقدّتُ أنه يحّتضر، لأن كمية الدماء النازفة كانت كثيفة. سألته: "أنتَ بخير؟"، نسيت وجود الرجل المسلّح الملثّم، لولا صرخته المرعبة: "فوتي وليك". وجّه مسدسه إلى وجهي. سمعت صوت قلبي يسقط مثل قذيفة. نظرت إليه بثبات وهدوء، وقلت له: "عفوًا بعتذر"، ثم أغلقت الباب، وجلست على السرير. انحصر تفكيري فقط في أن اللحظة القادمة، هي اللحظة التي ستتهاوى فيها جثة  منّهل، ويُفتح الباب، ويُطلق على رأسي الرصاص، أو أغيب في عتمة الخطف".  المشهد السابق، ليس من صنع الخيال، هو مقطع من تجربة حقيقية عاشتها الروائية السورية سمر يزبك، ودوّنتها في كتابها "بوابات أرض العدم"، حيث كانت شاهدة على اقتحام مجموعة مسلّحة مقرّ المكتب الإعلامي في "سراقب"، واختطاف الصحفي والمصوّر البولندي مارتن سودر. والكتاب صدر عن "دار الآداب" ببيروت عام 2015، وتُرّجم إلى العديد من اللغات الأجنبية، وقد ترجمته إلى الفرنسية رانيا سمارة، وهي الطبعة التي رُشّحت مؤخرا لنيل جائزة ميديسي للرواية هذا العام.

رسلان طراد: أتمنى أن يكون رحيل النظام بأيدٍ سورية

صورة
قبل فترة وجيزة صدر كتاب "قتل ثورة" باللغة البلغارية لمؤلفه رسلان طراد، وهو إعلامي سوري بلغاري، يدير منتدى الثقافة العربية في صوفيا، وصفحة "معًا لسوريا الحرة" على الفيسبوك. أما كتابه الصادر عن دار "سييلا" فيقوم بشكل أساسي على الشهادات الحية، ويتناول المخطط الدموي الذي وضعه نظام الأسد لإخماد الثورة السورية منذ بداياتها السلمية. بهذه المناسبة التقيت رسلان وبادرته بالسؤال: كيف بدأت فكرة الكتاب، وما هي المرجعيات التي اعتمدها والمرتكزات التي انطلق منها؟ قال:

إميل بوبوف: قوة الفن لم تلعب دورها المطلوب

صورة
إلى أولئك المدنيين العزّل، الفارين من جحيم التعسف والحروب في بلادهم، المهددين بأخطار العبور إلى الضفاف الآمنة، المشردين في أصقاع الأرض بحثًا عن طوق النجاة، إلى ملايين البشر المنسيين في المخيّمات ودول الشتات يهدي النحات البلغاري إيميل بوبوف معرضه الجديد "الذئبة" الذي أقامته صالة "راكورسي" (وجهات نظر) في العاصمة البلغارية صوفيا احتفاء بيوم اللاجئ العالمي. وإيميل بوبوف واحد من أهم وأشهر النحاتين البلغار، وُلد في مدينة كوستانديل عام 1951، تخرج في أكاديمية الفنون الجميلة عام 1975، وفيها حصل على لقب بروفسور عام 1992، بعدها بعامين أقام معرضه الفردي الأول، وفي سجل أعماله عدد كبير من المعارض الفردية والجماعية إلى جانب الكثير من المشاركات في الملتقيات الفنية المحلية والدولية، وهو يشتهر بتطويعه لمختلف خامات النحت، وتشتهر منحوتاته بتشكيلاتها الحرة.

وداعًا هادي الجندي

صورة
هادي الجندي عُرف الشاب هادي الجندي بشجاعته، وكان أول المتظاهرين، وأول ضحايا القنص برصاص قوات النظام السوري في عاصمة الثورة حمص، وهو لا يزال في ربيعه الثاني والعشرين، ما جعل رفاق دربه يُطلقون عليه لقب أمير الشهداء. وُلد هادي في حمص يوم 23 أكتوبر 1989، ودرس الكومبيوتر في جامعة البعث، وبعد أحداث درعا شعر أن من واجبه كسر جدار الخوف في مدينته، فجمع أصدقائه ودعاهم للخروج إلى التظاهر، وبات الاحتجاج على الظلم شغله الشاغل، ويُقال أنه كان يخرج   للتظاهر أكثر من مرة في اليوم الواحد أحيانًا، لاسيما في تلك المناطق ذات الكثافة السكانية التي لم تستنشق رائحة الحرية حينها كشارعي الحمرا والملعب، حيث كان العديد من المارة يلتحقون به، قبل أن يستنفر رجال الأمن ويفرقوهم.

خليل معتوق.. معتقل بتهمة الدفاع عن المعتقلين

صورة
قبل أن يختفي أثر المحامي خليل معتوق في السجون السورية، أمضى أكثر من عشرين عامًا، وهو يدافع عن معتقلي الرأي، من الشيوعيين والناصريين والإسلاميين والبعثيين وناشطيّ حقوق الإنسان، ويُجمع كل من عرفه على تفانيه في عمله، وعلى نزاهته وقيم أخلاقه العالية، واختفائه القسّري بحد ذاته ينسف كل ذرائع المعولين على الإصلاح في ظل حكومة الأسد الأمنية. وفق معلومات الإنترنت، وُلد خليل معتوق عام 1959 في قرية المشيرفة التابعة لتلكلخ في محافظة حمص. بدأ نشاطه السياسي مبكرًا بانضمامه إلى جناح يوسف فيصل في "الحزب الشيوعي السوري"، وفي عام 1987 انتسب إلى نقابة المحامين السوريين, وأخذ يزاول مهنته، لكنه في العام 2000 انسحب من الميدان السياسي بشكل كامل، لأنه بات يعتقد أن العمل في مجال حقوق الإنسان "يجب أن يكون منزهًا عن أي ميل أو هوى في السياسة، لأي اتجاه كان” كما كتب تلميذه وزميله المحامي ميشيل شماس.

الطبيب الذي وهب حياته لإسقاط الدكتاتورية

صورة
بكثير من الحذر والتأني افتح ملفه على صفحات الإنترنت، فالمعتقلين الذين كتبتُ عنهم، يحملون في ضمائرهم مشاريع ثقافية وإنسانية، وهذا ميداني، أما عبد العزيز الخيّر فهو رجل السياسة بامتياز، والمعارض الماركسي في كل مفاصل سيرته النضالية، منذ أن يأس من اشتراكية البعث في شبابه، وانضم إلى "رابطة العمل الشيوعي". التنظيم الذي تأسس أواخر سبعينيات القرن العشرين، من أجل إسقاط الدكتاتورية الحاكمة في سوريا.

باولو دالوليو.. سلام عليك يا أبا الثورة

صورة
قبل الثورة كان الحديث عن  المستشرق الإيطالي، باولو دالوليو يثير الفضول، فالكاهن اليسوعي زار سوريا عام 1982، وفتنه دير "مار موسى الحبشي"، وقرر الإقامة فيه، وجعلِه مركزًا لحوار الأديان، بعد أن أنهى ترميمه بمساعدة أهالي المنطقة. الدير السرياني القديم الذي يعود بنائه إلى عام 1058، ويبعد عن شمال دمشق مسافة ثمانين كيلومترًا، يتبوأ سلسلة جبال القلمون على ارتفاع 1320 مترًا عن سطح البحر، ويشرف على وادٍ سحيق تكثر فيه الكهوف والآثار. وتقول معلومات الويكبيديا، إن الأب ( Paolo dall'Oglio ) وُلد في السابع عشر من تشرين الثاني عام 1954، انضم إلى المجمع اليسوعي عام 1975، ورُسّم كاهنًا في الكنيسة السريانية الكاثوليكية عام 1984. في "جامعة نابلس الشرقية"، حصل على دبلوم في اللغة العربية والدراسات الإسلامية، وفي "جامعة جريجوريان البابوية" حصل على دبلوم في اللاهوت الكاثوليكي، وعلى الماجستير في "علم التبشير" عام 1986، ودرجة الدكتوراه عن رسالته  "الأمل في الإسلام" عام 1989، كما منحته "جامعة دي لوفين الكاثوليكية" الدكتوراه الشرفية الثنائية ع

عدنان الزراعي.. في انتظار وعد السراب

صورة
لا أذكر أني التقيتُ عدنان الزراعي، استرعى انتباهي اسمه، وأنا أتابع مسلسل "فوق السقف" على الفضائية السورية، في أول رمضان مر بنا، بعد الثورة وانهيار حاجز الخوف. كان ضغط الحراك السلمي أدى إلى توسيع هامش حرية التعبير، وكان الأمل يملأ القلوب بوضع نهاية للاستبداد والفساد مع قدوم العيد، والبدء ببناء دولة مدنية، يتسع صدرها لكل السوريين.

زكي كورديللو.. نريدك بيننا يا صديق الظلال

صورة
يحضرني وجهه ويعاتبني، لماذا لم أكتبْ عنه بعد؟ لماذا تنّسوننا في الجحيم؟ أقول: لا أصدق انهم اعتقلوكَ مع ابنك مهّيار، ولا أقوى على التفكير أنك لا تزال رهن الاعتقال، من دون محاكمة أو سبب وجيه، سوى أنكَ سجلتَ اعتراضك على إراقة دماء السوريين في صفحتك على الفيسبوك. لا أتخيلكَ إلاّ بيننا أيها الكائن المسالم، الدمث، الذي كان يعمل بحب وصمت، على إعادة الاعتبار لفن "خيال الظل"، وعلى توظيفه في المسرح المعاصر. 

.بالخَلاصْ يا شَباب! لـ ياسين الحاج صالح.. تأملات حول الاعتقال التعسّفي ومستقبل العدالة في سوريا

صورة
ربما يكون مفاجئًا ما أورده ياسين الحاج صالح في كتابه "بالخلاص يا شباب" من أن "السجن في سوريا الثمانينات وأكثر التسعينات، كان مكانًا أكرم من أي مكان آخر، لأي شخص مستقل الضمير ومعارض للنظام"، وقد يكون من المستغرب، أن يعاين المعتقل السياسي بوصفه فضاء للعيش المشترك، ومجالًا للتراكم المعرفي والثقافي، لا باعتباره شرطًا للأذى النفسي والجسدي، ومقياسًا لمصادرة الحياة، لكن مع هذا المنظور الجديد لمحاكمة تجربة الاعتقال التعسّفي، يضع الكتاب علامة فارقة في سياق ما حفلت به "نصوص السجن" السورية، تجعله أشبه بدراسة حالة وجودية، تنزع إلى مقاومة وحش الاستبداد، الذي يبتلعنا نحن السوريين منذ حوالي نصف قرن، داخل المعتقلات وخارجها.

السينما البلغارية تكّمل مئة عام.. من دلال السلطة الشمولية إلى اهمال الليبراليين

صورة
أثناء دراستي للصحافة في جامعة صوفيا، قضيت العقد الأخير من حكم الشيوعيين في بلغاريا، كنت مولعة بالفن السابع، وكانت السلطة تولي اهتمامها بالثقافة، وتضع السينما في سلم أولوياتها، على اعتبار أنها أهم الفنون تبعًا لمقولة لينين. كانت دور العرض تزيد على ثلاثة آلاف صالة، وتنتشر في كل مكان، من العاصمة إلى أصغر قرية، وكان القطاع السينمائي، يتألف من ثلاث وحدات إنتاجية، هي: "ملادوست" و"بويانا"، و"قسم الأفلام" في التلفزيون البلغاري، ويتمتع بخمسين إلى ستين مليون ليفة من ميزانية الدولة سنويا، وينتج مالا يقل عن خمسة وعشرين فيلما روائيا طويلا في العام، أي ما يعادل قرابة نصف ما أنتجته السينما البلغارية خلال مرحلة ما قبل التأميم، حيث لم يتجاوز العدد الخمسة وخمسين فيلما بلغاريا، ظهرت ما بين الأعوام 1915و1948.

بلوفديف البلغارية.. عروس التلال

صورة
ربما لم يسمع الكثيرون بـ"بلوفديف"، مع أنها واحدة من أقدم المدن الأوروبية، وثاني أكبر مدينة بلغارية بعد العاصمة صوفيا، من حيث الحجم والأهمية الاقتصادية والثقافية. تقع المدينة في سهل "تراقيا العليا" على ضفتي نهر ماريتسا، وتمتد بين سبعة تلال، وبحسب الحفريات الأثرية تبلغ من العمر ثمانية آلاف عام، ولها ثمانية أسماء، ولم تأخذ اسمها الحالي حتى القرن الخامس عشر، ويسكنها اليوم حوالي 350 ألف نسمة، معظمهم من البلغار، إلى جانب نسبة قليلة من الغجر.

مومياء شادي عبد السلام في صوفيا

صورة
قرأت على النت أن المركز الفرنسي في صوفيا سيعرض فيلم "المومياء" للمخرج المصري الراحل شادي عبد السلام في سياق فعاليات الاحتفال بأيام الفرانكوفونية. ما علاقة هذا بذاك، ولماذا هذا الفيلم بالذات الذي أُنتج قبل أكثر من أربعة عقود؟ رحتُ أسأل صديقي "غوغول"، قبل أن أرتدي ملابسي، واتجه مسرعة إلى صالة العرض.

موت في العائلة لـ كارل أوفه كناوسغارد.. فن التقاط الهشاشة وتمجيد الضعف

صورة
هاتفني الصديق الحارث النبهان، وأبلغني رغبته بإهدائي آخر كتاب نقله إلى العربية، صدر حديثًا عن دار التنوير. فرحتُ بهديتي واستعجلت بجلبها لثقتي بالعناوين التي يختارها والترجمات التي ينجزها. كان الكتاب يحمل اسم "كفاحي"، ولم يكن يحمل توقيع أدولف هتلر، بل توقيع الكاتب النرويجي كارل أوفه كناوسغارد على روايته الأولى الصادرة عام 2009، تحت عنوان فرعي "موت في العائلة"، ضمن إطار سلسلة تقع في ستة أجزاء، وثلاثة آلاف وستمئة صفحة. لم أقرأ للمؤلف من قبل، واعتقدت أن كتابه سيتناول واحدة من القضايا التي شغلت العالم، أو بلده على الأقل إبان الحرب العالمية الثانية، وكانت أولى الصفحات تتحدث عن الموت، وعن رغبة البشر في طمس معالمه عن طريق إخفاء موتاهم بأسرع وقت ممكن، ولوهلة ظننتُ أن تداعيات البداية ستقودني إلى محارق النازية أو شيء من هذا القبيل، لكن الصفحات الأخرى كانت بعيدة كل البعد عن تخميناتي.

أسامة الهبالي لروحك السلام

صورة
أسامة الهبالي قبل ان يكمل عامه التاسع والعشرين قضى الإعلامي أسامة الهبالي تحت التعذيب في سجن صيدنايا بعد قرابة خمسة سنوات من الاختفاء القسري، وكان مقتله واحدًا من سبعة عشر انتهاكًا يحق الإعلاميين السوريين وثّقها المركز السوري للحريات الصحفية في رابطة الصحفيين السوريين خلال أيار/ مايو 2017، وجاء في تقرير المركز أن النظام السوري تصدر قائمة المنتهكين بمسؤوليته عن ارتكاب سبعة انتهاكات، يلي تنظيم "الدولة" الذي ارتكب أربعة انتهاكات.

ثورات بلا ثوّار لـ فواز طرابلسي.. الشعب مصدر الشرعية والسلطة

صورة
ماذا تعني "الثورات العربية" بمستوياتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، ما هي مفاعيل العنف وتبعاته، وما هو دور اليسار والعروبة في خضم المرحلة الراهنة؟ أسئلة كثيرة من هذا المنحى الإشكالي الشائك، يطرحها ويجيب عنها كتاب الباحث اللبناني فواز طرابلسي "ثورات بلا ثوّار"، وحتى لا يلتبس العنوان على القارئ، ويبدو وكأنه انحياز ضد الصيرورة الثورية، يوضح المؤلف منذ المقدّمة، أنه يعني به "ثورات بلا تنظيم"، فهي التعبير الأصدق عن اندلاع الغضب والوجع والرفض الذي راكمته الجماهير ضد أنظمتها الاستبدادية الفاسدة، عبر أربعة أو خمسة عقود من الزمن.  يتألف الكتاب من قسمين، الأول يضم خمس دراسات تتأمل في واقع الثورات العربية، الحرب الأهلية، الأيديولوجيا القومية واليسار العربي، أما القسم الثاني فهو مجموعة من المتابعات التحليلية للحدث السياسي الأبرز في المنطقة العربية خلال العامين المنصرمين، كدخول عناصر من حزب الله إلى سوريا، للقتال إلى جانب نظام الأسد.

يوسف بزي- ضاحية واحدة مدن كثيرة

صورة
"ما إن أخرج وأمشي قليلًا، حتى اكتشف نهر السين العريض، البطيء، أرى على ضفته الأخرى متحف أورساي، إذا خلفي اللوفر والكوميدي فرانسيز، وفي الأفق برج إيفل. باريس المكتبات والمقهى والحديقة والفنون والخبز والمتاحف والمعجزات الهندسية كلها منبسطة أمام عيني وفي متناول يدي، وأتذكر "مشاريع" حسن نصر الله، وخيمه وإصبعه المتوعد، وطموحات الجنرال المتقاعد، وجماهير "الممانعة" كلها... هذه فكرة أرميها في مياه السين مع الحسرات وأمضي". (ص40). بهذه الروح التواقة إلى الجمال والحرية يصحبنا يوسف بزي في كتابه "ضاحية واحدة مدن كثيرة" الصادر عن دار الريس أواخر 2016، يصحبنا معه في جولاته بين سبع عشرة مدينة، تبدأ ببيروت حيث يعيش، وبها تنتهي، بعد أن تنتقل إلى باريس، الاسكندرية، روما، غزة، لوديف الفرنسية، الجزائر، برلين، لايبزيغ، القاهرة، غوا، ديار بكر، بغداد، اسطنبول، أربيل، لوبيليانا. وهي المدن التي زارها بهويته الصحفية ليغطي الأحداث الساخنة فيها، أو بوصفه شاعر ضيف على المهرجانات الثقافية في فترة زمنية تمتد بين 1995و2014.

فلاديمير تشوكوف.. "داعش" ليس دولة إسلامية

صورة
منذ أحداث باريس ثم بروكسل، أضحى تنظيم "داعش"، لعنة تلاحق البشرية جمعاء، وباتت المعركة ضده، واحدة من أكبر التحديات التي تواجه دول العالم، وقد يبدو للوهلة الأولى أن الحسم العسكري، هو الوسيلة الأنجح للقضاء على إرهاب التنظيم، ما استدعى تحالفًا دوليًا لقتاله، غير أن انتشار أنصاره في كل مكان، يفترض جهدًا فكريًا وثقافيًا موازيًا، على مستوى أرواح وعقول أولئك الذين يدعمونه. فهؤلاء بحسب الدراسات الاجتماعية يناهزون السبعة ملايين شخص، أي ما يعادل عدد السكان الإجمالي في دولة مثل بلغاريا، وهؤلاء ينبغي إقناعهم أن الدولة العلّمانية هي مستقبلهم الآمن. هذا ما يذهب إليه المستشرق البلغاري فلاديمير تشوكوف في كتابه "داعش (ليس) دولة إسلامية"، الصادر باللغة البلغارية عن دار "شرق غرب" في العاصمة صوفيا عام 2016.

سفينة الحب.. هل يقرأ الساسة رسائل السلام؟

صورة
أشعرني هاتفي بوصول رسالة جديدة، كانت تحية من العزيز نوار بلبل مرفقة برابط، فتحته وبدأ بث الفيلم الوثائقي " سفينة الحب " ، الذي يصوّر يوميات التحضير لعرض مسرحي يحمل نفس العنوان، افتتحه نوار في يوم المسرح العالمي، ولم أستطع حضوره من مكان لجوئي، لكني اتصلت به حينها، وأجريت حوارًا معه عبر السكايب، نُشر في "العربي الجديد". الوثيقة المصوّرة أخذتني إلى التفاصيل التي كتبتُ عنها، ولم أرها، وقادني الحنين إلى مسرح القباني في دمشق، حيث التقيت نوار للمرة الأولى، وهو يقدم أول عروضه بعنوان "عالم صغير" أواخر عام 2002، وكان اللقاء الحي بالعاملين على الخشبة، هو من جعل المسرح أحب الفنون إلى قلبي. اليوم افتقد دفء اللقاء بالوسط الثقافي، وأشعر بالامتنان لكل صديق يزورني على مواقع التواصل، أو يهديني شيئا من نتاجه.

تمرد كل يوم.. انتصار المقاومة السلمية ليس من الخيال

صورة
"every day rebellion" يصوغ الفيلم التسجيلي الإيراني "تمرد كل يوم" للأخوين آراش وأرمان رياحي وثيقة بصرية ساحرة حول نظرية الكفاح اللاعنفي، ويدعو المتضررين في العالم إلى التلاحم، واستثمار منابع ضعفهم للمطالبة بحقوقهم المهدورة، أسوة بأسلوب زعيم الهند غاندي في نضاله ضد الاحتلال البريطاني، وانطلاقًا من مقولته الشهيرة: "في البداية سوف يتجاهلونك، ثم يسخرون منك، ثم يقاتلونك، ثم بعد ذلك تنتصر".

رواية التّماسيح لـ يوسف رخَا.. رؤية المستقبل بالنظر إلى تجارب الماضي

صورة
"بعد عشرة أعوام أو أكثر- بينما حزب النور السلفي وحزب الحرية والعدالة التابع للإخوان المسلمين يربحان الانتخابات التي بدأت، والأمن لا يزال يقتل وينهب في الشوارع، وفيالق الشرطة العسكرية من قواتنا المسلحة تسحل المتظاهرين وتجردهم من ملابسهم وتميتهم ضربًا، ثم تجر الجثث إلى أكوام الزبالة فضلاً عن قنصهم وتعذيبهم داخل المنشآت العامة- أصبحتُ أعرف أن الشر يبدأ من حيث يتصور الإنسان أنه بمعرفة أو عقيدة أو هوية، يمكنه أن يغيّر مجرى حياة سقطت على كتفه مثل حقيبة" (ص179). والمقطع السابق يقع في سياق الصفحات الأخيرة من رواية "التّماسيح" للكاتب المصري يوسف رخا، لكن الرواية بحد ذاتها لا تتحدث عن ثورة المصريين، بقدر ما تحاول استشراف الظروف والمسببات التي أدت إلى حدوثها ومن ثمة إخفاقها في تحقيق مطالب الشارع المنتفض، ذلك من وجهة نظر شاعر ينتمي إلى جيل التسعينيات، يستعيد ذاكرة العقدين الأخيرين، ويعاين تجارب ومصائر أقرانه من النخب المثقفة على اعتبار أنها طليعة المجتمع المصري ومرآته التي بإمكانها أن تعكس السلبيات والإيجابيات، كما التشوهات والأزمات على اختلاف تجلياتها.

سجل أنا عربي

صورة
على الرغم من البرد القارص الذي يجثم على صدر صوفيا، لم أتردد في الذهاب إلى صالة "بيت السينما"، بعد أن قرأت، أنها ستعرض الفيلم الوثائقي، الفلسطيني-الإسرائيلي "سجل أنا عربي". العنوان يأخذ مطلع أولى قصائد محمود درويش، التي يعرفها جيلي جيدًا، وبها تغنى في شبابه والحماسة تملئ قلبه وعينيه. لكني لم أفهم ما الذي يجعل الممّول الإسرائيلي يشترك في إنتاجه؟ وكنت أتساءل وأنا أبحث عن الصالة، هل سأجد أي من البلغار، يشاطرني الاهتمام بشاعر المقاومة والحنين؟ الذي لا يزال الأثير لدى قراء العربية، حتى بعد رحيله بست سنوات.

SyriArt .. تشكيل لدعم أطفال سوريا

صورة
ربما تكون الثورة السورية، هي الوحيدة في العالم التي أشعل فتيلها الأطفال، وسجّلوا مشاركتهم في مختلف مراحلها... الثورة التي بدأت بمشاكسات صبّية، تتراوح أعمارهم بين العاشرة والخمسة عشر، خطّوا على جدران درعا نداء الحرية، وكان عقابهم أن اعتُقلوا وضُربوا واقتُلعت أظفارهم، فخرج أهلهم إلى الشارع مطالبين بقصاص الجاني، ليخطوا بذلك أولى علامات الفصل بين زمن الخوف والصمت، وزمن الرفض والاحتجاج. مذ ذاك التاريخ وحتى اليوم، قدّمت البلدة لوحدها سبعمائة وسبعين من أرواح فتّيتها، وسُلب الأطفال السوريون جميع حقوقهم بالحماية والرعاية، باتوا يعيشون في مرمى الخطر، يُقتلون ويُسجنون، يفقدون أهلهم، بيوتهم ومدارسهم، يتشردون، يجوعون ويمرضون، حتى بات حالهم وصمة العار التي تدمغ جبين القرن الحادي والعشرين.